في الإعلام ننطلق من قاعدة أساسية «كل إعلام منتمي»، وعليها لا يوجد إعلام محايد حتى في ممارسات الدول الديمقراطية، ويبقى الحياد عملية نسبية بناءً على معايير كثيرة؛ أهمها مصدر المعلومة ودقتها، والأيديولوجيا التي تغذيها وتقف خلفها، والأهم تحليلها وفق مؤشرات زمانية ومكانية، وظروف سياسية واقتصادية ومجتمعية، وهذه الرحلة الطويلة لا تعني التسليم المطلق بالواقع، حيث لا تزال بعض أو كثير من الحقائق يمكن صناعتها، وتلوينها، واستثمارها لمصالح أكبر من مجرد معلومة، أو موقف، أو توجه للمستقبل، وهو ما يتطلب وعياً استثنائياً يعتمد على التحليل المعمق للحقائق، والبحث عن المستفيد منها، والأثر المستدام الذي سيتحقق معها.
نقول هذا الكلام، ونحن أمام حجم مهول من المعلومات والأرقام والبيانات التي نتعرّض لها يومياً في وسائل الإعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي، ويصعب على الكثيرين فرزها، وتصنيفها، وتفسيرها، والحكم عليها، والأخطر حينما تمرر في سياقات ضمنية لكسب التأثير، والتعاطف، والتسليم بها، والأمثلة على هذا النموذج كثيرة جداً، ولم تعد محصورة على وسائل إعلام أو حسابات اجتماعية عابرة للحدود، وإنما أصبحت دول تمارس في خطابها السياسي توظيف الحقائق وتلوينها، وتبنيها كمشروع للكسب والتأييد لمواقفها وتوجهاتها.
في أمريكا، وما يرشح عن البيت الأبيض أو الإدارة الأمريكية من تصريحات حول إيران، وبرنامجها النووي، ودعمها للميليشات الإرهابية في المنطقة، ومظاهر العنف والقمع للمحتجين على مدى الأشهر الثلاثة الماضية؛ جميع هذه التصريحات وأكثرها تعبيراً ما تعهد به الرئيس الأمريكي الشهر الماضي من «تحرير إيران»؛ تكشف لنا أن الحقائق على الأرض وإن كانت ثابتة يمكن تلوينها من وجهة نظر الساسة وأصحاب المصالح، وتفسير واقعها على أكثر من وجه، والدليل سرعان ما ظهر متحدث البيت الأبيض لتوضيح تصريح بايدن من أنه «تعبير عن تضامنه مع المحتجين الإيرانيين» وليس شيئاً آخر يقصده.
هذا التراجع من الفعل إلى العاطفة أصبح تكتيكاً وتلاعباً بالحقائق وتلوينها، وتحويلها إلى مشروع سياسي أمريكي لمزيد من تحقيق المصالح؛ فرغم حقائق القتل والتعذيب والسجن وحملة الإعدامات للمحتجين الإيرانيين؛ يبقى (التضامن) من وجهة نظر أمريكا أهم من (التحرير)؛ لأن السياسة الأمريكية ترى في إيران مشروعاً يخدم مصالحها، ولا يمكن مواجهتها، أو تحريرها كما يقول بايدن.
اليوم علينا أن نقرأ الحقائق السياسية على أنها ملونة، ومشروع لمصالح دولية أكبر؛ فمهما كان الواقع مكشوفاً بأدلته وبراهينه؛ سيكون هناك مستفيد آخر يرى في الحقيقة فرصة لتوظيفها لصالحه، وتحقيق ما يريد الوصول إليه.
نقول هذا الكلام، ونحن أمام حجم مهول من المعلومات والأرقام والبيانات التي نتعرّض لها يومياً في وسائل الإعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي، ويصعب على الكثيرين فرزها، وتصنيفها، وتفسيرها، والحكم عليها، والأخطر حينما تمرر في سياقات ضمنية لكسب التأثير، والتعاطف، والتسليم بها، والأمثلة على هذا النموذج كثيرة جداً، ولم تعد محصورة على وسائل إعلام أو حسابات اجتماعية عابرة للحدود، وإنما أصبحت دول تمارس في خطابها السياسي توظيف الحقائق وتلوينها، وتبنيها كمشروع للكسب والتأييد لمواقفها وتوجهاتها.
في أمريكا، وما يرشح عن البيت الأبيض أو الإدارة الأمريكية من تصريحات حول إيران، وبرنامجها النووي، ودعمها للميليشات الإرهابية في المنطقة، ومظاهر العنف والقمع للمحتجين على مدى الأشهر الثلاثة الماضية؛ جميع هذه التصريحات وأكثرها تعبيراً ما تعهد به الرئيس الأمريكي الشهر الماضي من «تحرير إيران»؛ تكشف لنا أن الحقائق على الأرض وإن كانت ثابتة يمكن تلوينها من وجهة نظر الساسة وأصحاب المصالح، وتفسير واقعها على أكثر من وجه، والدليل سرعان ما ظهر متحدث البيت الأبيض لتوضيح تصريح بايدن من أنه «تعبير عن تضامنه مع المحتجين الإيرانيين» وليس شيئاً آخر يقصده.
هذا التراجع من الفعل إلى العاطفة أصبح تكتيكاً وتلاعباً بالحقائق وتلوينها، وتحويلها إلى مشروع سياسي أمريكي لمزيد من تحقيق المصالح؛ فرغم حقائق القتل والتعذيب والسجن وحملة الإعدامات للمحتجين الإيرانيين؛ يبقى (التضامن) من وجهة نظر أمريكا أهم من (التحرير)؛ لأن السياسة الأمريكية ترى في إيران مشروعاً يخدم مصالحها، ولا يمكن مواجهتها، أو تحريرها كما يقول بايدن.
اليوم علينا أن نقرأ الحقائق السياسية على أنها ملونة، ومشروع لمصالح دولية أكبر؛ فمهما كان الواقع مكشوفاً بأدلته وبراهينه؛ سيكون هناك مستفيد آخر يرى في الحقيقة فرصة لتوظيفها لصالحه، وتحقيق ما يريد الوصول إليه.